حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE) من تراجع دور المجتمع المدني المغربي ودعا إلى إصلاح عميق لإعادة تنشيط دوره في تنمية البلاد. وعلى الرغم من وجود إطار دستوري ملائم، لا تزال الجمعيات تعاني من عقبات إدارية ومالية وهيكلية. ولتجاوز هذه التحديات، قدم المجلس سلسلة من التوصيات تهدف إلى إحياء القطاع وتعزيز دوره في التنمية.
مجتمع مدني في حاجة إلى تجديد
لطالما اعتُبر المجتمع المدني المغربي ركيزة أساسية للتنمية الاجتماعية والدفاع عن الحقوق، لكنه يواجه اليوم تحديات هيكلية تعيق عمله. وعلى الرغم من الاعتراف بدوره في دستور 2011 وعدة مبادرات لتعزيز مشاركته في الحكامة العامة، فإن التقدم يبقى محدودًا.
ومن أبرز العقبات التي أشار إليها المجلس:
- تعقيدات إدارية تعيق إنشاء الجمعيات وتجديدها.
- قيود على ممارسة حق تقديم العرائض بسبب إجراءات معقدة وعدم متابعة الطلبات المقبولة.
- صعوبة الوصول إلى الفضاءات العامة لتنظيم الأنشطة الجمعوية.
- إطار ضريبي غير ملائم لخصوصيات القطاع الجمعوي، مع صعوبات في الحصول على التمويلات العامة.
نحو إصلاح قانوني وهيكلي
لتجاوز هذه العقبات، يقترح المجلس سلسلة من الإجراءات تهدف إلى تحديث الإطار الجمعوي، من بينها:
- تكييف قانون الجمعيات ليكون متوافقًا مع مقتضيات دستور 2011.
- توضيح معايير المنفعة العامة لضمان اعتراف أكثر شفافية بالجمعيات.
- تبسيط شروط الحصول على الإذن للتقاضي، خاصة لجمعيات حماية المستهلك.
- إنشاء إطار تنظيمي يشجع على ظهور جمعيات محلية ودمجها في آليات الحوار المواطن.
- إعداد قاعدة بيانات وطنية متاحة لضمان شفافية أفضل وتصنيف واضح للجمعيات حسب أهدافها.
كما أكد المجلس على ضرورة تعزيز الشراكة بين الدولة والجمعيات، مع التركيز على الحكامة والتمويل وتقييم الأنشطة المنفذة.
إطار مالي وضريبي يحتاج إلى إعادة نظر
إلى جانب الإصلاحات الهيكلية، شدد المجلس على الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الإطار المالي والضريبي للقطاع الجمعوي. واقترح زيادة الأموال العامة المخصصة للجمعيات، مع تمويلات متعددة السنوات بدلًا من المنح المؤقتة. كما دعا إلى إعفاء الأنشطة غير الربحية من الضرائب لتخفيف الضغط المالي على الجمعيات، وتشجيع التوظيف في القطاع الجمعوي عبر حوافز ضريبية ملائمة، وإجازة التبرعات القابلة للخصم من الضرائب لتعزيز التمويل الخاص للمبادرات ذات المصلحة العامة.
مجتمع مدني كرافعة للتنمية
يمثل المجتمع المدني المغربي فاعلًا رئيسيًا في التنمية المحلية والإدماج الاجتماعي. ومن خلال توفير إطار أكثر ملاءمة، يمكن للمغرب تعزيز المشاركة المواطنة وتحسين جودة الخدمات القريبة من المواطنين وتشجيع حكامة أكثر شفافية. ويدعو المجلس إلى دفعة قوية لإعادة تنشيط الحياة الجمعوية وجعل المجتمع المدني محركًا حقيقيًا للتغيير. وإذا تم تنفيذ هذا الإصلاح بطموح، يمكن للمغرب أن يعيد تأكيد نفسه كنموذج للحكامة التشاركية في إفريقيا والعالم العربي.