تحتضن مدينة الحسيمة فعاليات الدورة الرابعة لمهرجانها السينمائي الدولي في الفترة الممتدة من الخامس وحتى العاشر من شهر ماي لعام 2025. هذا الحدث الفني المتميز، الذي يتم تنظيمه من قبل مؤسسة الريف للثقافة والسينما، يسعى إلى ترسيخ مكانة المدينة كملتقى بارز لعشاق الفن السابع بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وتتميز هذه الدورة ببرنامجها الغني والمتنوع الذي يجمع بين عروض الأفلام، وتكريم الشخصيات السينمائية البارزة، وتقديم ورش عمل متخصصة، وعقد لقاءات مثمرة، بالإضافة إلى تنظيم دورات تكوينية تهدف إلى صقل المواهب الشابة. وتحمل هذه الدورة شعارًا يركز على الشباب والابتكار، وتولي اهتمامًا خاصًا بتكريم السينما الفرنسية والاحتفاء بالمواهب السينمائية المحلية والدولية على حد سواء.
وتستعد هذه المدينة الساحرة، المعروفة بجمالها المطل على البحر الأبيض المتوسط، لاستضافة هذه التظاهرة السينمائية الهامة التي ستشهد تنظيم الدورة الرابعة لمهرجان الحسيمة الدولي للفيلم خلال الفترة المذكورة. وبفضل الجهود المبذولة من قبل مؤسسة الريف للثقافة والسينما، يحول هذا الحدث الثقافي الضخم المدينة إلى مركز حيوي للسينما العالمية، حيث تتداخل عروض الأفلام المتنوعة مع لحظات تكريمية لشخصيات تركت بصمتها في عالم الفن، بالإضافة إلى تنظيم أوراش عمل تفاعلية ولقاءات تجمع بين صناع الأفلام والجمهور حول شغفهم المشترك بالفن السابع.
وتحظى السينما الفرنسية بمكانة مرموقة في هذه الدورة، حيث تم اختيارها لتكون ضيف الشرف. ويتجلى هذا التكريم من خلال عرض ستة أفلام فرنسية أيقونية، بالإضافة إلى مشاركة نخبة من الشخصيات الفرنسية البارزة في مجال السينما. وسيشارك المنتج القدير آلان ديبارديو بتقديم ندوة رئيسية تتناول موضوع الإنتاج السينمائي المستقل، بينما سيقوم الممثل القدير دومينيك بينون، وهو أحد الوجوه البارزة في السينما الفرنسية، بالإشراف على ورشة عمل متخصصة في فن التمثيل. ويعكس هذا الاختيار الرمزي عمق الروابط الثقافية التي تجمع بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وهما دولتان تربطهما علاقات تاريخية عريقة من التبادل الفني والثقافي.
وتؤكد إدارة المهرجان على الدور الهام للدبلوماسية الثقافية الموازية، التي تستلهم رؤيتها من التوجيهات الاستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تهدف في جوهرها إلى تعزيز الانفتاح المتبادل بين الثقافات المختلفة، وتشجيع الحوار الحضاري البناء، وترسيخ دور الشباب في المشهد الإبداعي والفني المعاصر.
ويتضمن برنامج هذه الدورة السينمائية المميزة عرض تسعة وعشرين فيلمًا قادمًا من مختلف أصقاع العالم. وتمثل هذه الأعمال السينمائية المختارة تنوعًا جغرافيًا وثقافيًا واسعًا، حيث تشارك أفلام من المغرب وفرنسا وإسبانيا وكرواتيا وبلجيكا وبريطانيا والبرتغال وتركيا وسويسرا ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية. ويعكس هذا التنوع الغنى في القصص والجماليات التي تزخر بها السينما المعاصرة.
وستقوم لجنة تحكيم مرموقة، برئاسة المخرج السينمائي المستقل مانويل سانشيز من فرنسا، بتقييم الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية. وتضم اللجنة في عضويتها نخبة من الشخصيات البارزة في عالم السينما، وهم المخرج المغربي القدير سعد الشرايبي، ومدير مهرجان الفيلم السعودي أحمد الملا، والممثلة والمنتجة الهندية المتألقة تارينا باتيل، والصحفية الفرنسية المتميزة لور-آن بيرو. أما بالنسبة لقسم الأفلام القصيرة، فسيتم تقييمه من قبل لجنة تحكيم أخرى يرأسها المخرج الجنوب أفريقي المبدع مارك إنجليس، ويشاركه في عضويتها كل من المخرج المغربي الموهوب خالد معدور والمخرج السوري القدير سامر جبر. وإضافة إلى ذلك، ستحتفي هذه الدورة بتكريم سبع شخصيات سينمائية بارزة تركت بصمات واضحة في تاريخ السينما بفضل مسيرتها المهنية الاستثنائية ومساهماتها القيمة في إثراء المشهد السينمائي في بلدانها.
ويولي المهرجان اهتمامًا خاصًا لجانب التكوين وتبادل الخبرات، حيث يتضمن برنامجه العديد من الأنشطة التعليمية الهامة. وتشمل هذه الأنشطة ندوة رئيسية حول إنتاج الأفلام يقدمها المنتج آلان ديبارديو، ودورة تكوينية في فن التمثيل يشرف عليها الممثل دومينيك بينون. كما يتضمن البرنامج ندوة حول العلاقة بين السينما والذكاء الاصطناعي، وورشة عمل في كتابة السيناريو بتأطير من السيناريست مدحت العدل، بالإضافة إلى ورشتين ينشطهما المخرج جمال بلمجدوب تتناولان فن كتابة السيناريو وإبداع الممثل، فضلاً عن دورة تكوينية في مجال التصوير السينمائي والتعامل مع الكاميرا. ويكتمل هذا البرنامج الثري بتنظيم حفل توقيع لكتاب “شذرات من مشاهد” للمخرج المغربي سعد الشرايبي.
وتشهد هذه الدورة إضافة نوعية ومهمة تتمثل في إطلاق برنامج جديد يهدف إلى تقديم منح لدعم إنتاج الأفلام السينمائية للشباب. ويهدف هذا الدعم إلى تشجيع المواهب الصاعدة في منطقة الريف والمغرب بشكل عام، وذلك بشراكة مع مجموعة العدل للإنتاج السينمائي من مصر، مما يسهم في تعزيز الدينامية الإبداعية المحلية.
وستحتضن فعاليات المهرجان مواقع ثقافية متنوعة في مدينة الحسيمة، بما في ذلك دار الثقافة الأمير مولاي الحسن والمركز الثقافي الإسباني، بالإضافة إلى العديد من الفضاءات العامة والمؤسسات الاجتماعية والثقافية الأخرى في المدينة. وتحت شعار “سينما الشباب”، تسعى هذه الدورة إلى توفير تجربة سينمائية غامرة وممتعة لجميع فئات الجمهور، مع التركيز بشكل خاص على الشباب.
وتشمل قائمة المكرمين في هذه الدورة سبعة أسماء لامعة في عالم السينما، وهم المخرج المغربي جمال بلمجدوب، الذي يعتبر رائدًا في السينما الأمازيغية بفيلمه الشهير “ميجيس” الذي أنتج عام 2012، والممثلون المغاربة الموهوبون كمال كاظمي وعمر لطفي وسميرة المصلوحي، والكاتب والشاعر والسيناريست المصري القدير مدحت العدل، والممثل الفرنسي المحبوب دومينيك بينون، والنجمة التركية الشهيرة غاي تورغوت إيفين، التي عرفها الجمهور المغربي من خلال دورها في المسلسل التلفزيوني الناجح “منار”.
وتضم قائمة الأفلام المشاركة في هذه الدورة تشكيلة متنوعة من تسعة وعشرين فيلمًا دوليًا، تتوزع بين ثمانية أفلام طويلة تتنافس في المسابقة الرسمية، وثمانية أفلام قصيرة تشارك في مسابقة خاصة بها، وستة أفلام مغربية تعرض ضمن بانوراما السينما الوطنية، بالإضافة إلى ستة أفلام فرنسية تعرض في إطار بانوراما خاصة بضيف الشرف، وفيلم رسوم متحركة واحد موجه خصيصًا للجمهور الصغير.