أجرى محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية حوارا شاملا مع موقع ميديا 24 تناول فيه تفاصيل رؤيته النقدية للأوضاع السياسية والاقتصادية في المغرب، مع التركيز على استعدادات حزبه لانتخابات 2026.
بدأ محمد أوزين حواره بتقييم قاسٍ للأداء الحكومي الحالي، واصفاً إياه بـ”الكارثي”، خاصة في الملفات الاقتصادية الحيوية مثل ارتفاع أسعار المواد الأساسية (كمثال أزمة اللحوم)، وتراجع مؤشرات التشغيل، وغياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة. وفي مقابل هذا النقد، يقدم أوزين حزب الحركة الشعبية كبديل قادر على تقديم حلول عملية، مع التركيز على محورين أساسيين يتمثلان في تحقيق العدالة المجالية كمدخل للعدالة الاجتماعية، والحفاظ على الهوية المغربية بمكوناتها الثقافية واللغوية المتنوعة تحت مظلة ما يسميه “التمغربيت”.
على صعيد التحضير للانتخابات المقبلة، يكشف أوزين أن حزبه يعمل على إعداد برنامجه الانتخابي تحت عنوان “البديل الحركي”، معتمدا منهجية المشاورات الواسعة مع مختلف فئات المجتمع، بالإضافة إلى الاستعانة بخبراء متخصصين من المنظمات الموازية والحليفة. ويؤكد أن خطاب حزبه يتجاوز التصنيفات التقليدية (يمين/يسار)، جامعاً بين الحداثة في معالجة القضايا المجتمعية (كقضية المرأة) والمحافظة على الثوابت الوطنية والدينية. ويستهدف الحزب بشكل خاص العالم القروي الذي يعيش حالة من التهميش دون إغفال المجال الحضري، في محاولة لبناء قاعدة شعبية عريضة.
فيما يخص موقف الحركة الشعبية من المشهد السياسي الراهن، وجه أوزين انتقادات حادة للأغلبية الحكومية، متهماً إياها بالفساد (كما هو الحال في قضية استيراد اللحوم) والاعتماد على تحالفات هشة قائمة على الحسابات الضيقة بدلاً من البرامج الواضحة. ومن جهة أخرى، يرفض أوزين نعت المعارضة بصفة “الديكور”، مؤكداً على ضرورة تقديم بديل حقيقي قادر على تحمل المسؤولية. وبخصوص التحالفات المستقبلية، يترك الباب مفتوحاً للتعاون مع مختلف الأطراف، بشرط الاتفاق على برنامج واضح، ويرفض أي تحالفات قائمة على المصالح الضيقة أو المحاصصة.
فيما يخص التحديات الانتخابية، يؤكد أوزين على تحدي مواجهة شراء الأصوات والفساد الانتخابي لضمان سلامة المنافسة الانتخابية، (على غرار ما حدث في انتخابات 2021 حسب رأيه)، مما يستدعي إصلاحاً شاملاً للنظام الانتخابي، خاصة فيما يتعلق بتوزيع المقاعد وترسيم الدوائر الانتخابية. كما يدافع أوزين عن تاريخ الحركة الشعبية كأقدم حزب في المغرب، مستعرضاً إنجازاتها عندما كانت في الحكومة، خاصة في مجالات الإصلاح الزراعي وإصلاح التعليم، ويرفض الاتهامات الموجهة للقيادة الحزبية بالمركزية، مؤكداً على وجود ديمقراطية داخلية حقيقية.
عند التطرق للملفات الساخنة، يخصص أوزين حيزاً مهماً لأزمة ارتفاع الأسعار، خاصة في ارتباطها بعيد الأضحى، حيث ينتقد بشدة أداء الحكومة في إدارتها لهذا الملف، ويسجل غياب الرقابة الفعالة على المضاربات التي أضرت بالمواطن البسيط. ويقدم مقترحات عملية تركز على الحلول طويلة الأمد، مثل تطوير الثروة الحيوانية، إلى جانب إجراءات رقابية صارمة على الأسواق. وفي سياق متصل، يدافع عن سجله كوزير سابق للشباب والرياضة، رغم الجدل الذي أحاط بقضية “الكراطة”، معتبراً أن الأحداث أثبتت صحة موقفه.
يؤكد أوزين في حواره على أن الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للحركة الشعبية تتمحور حول عدة أولويات، أهمها تعزيز الاستثمار في التنمية الترابية، خاصة في العالم القروي الذي يعاني من التهميش، وضمان الشفافية في تدبير المال العام، وإصلاح قطاعي التعليم والصحة. كما يطالب بتبني سياسات فعالة لتقليص الفوارق بين المدن والقرى، وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين في الصحة والسكن والشغل.
وفي ختام الحوار، يؤكد أوزين أن حزب الحركة الشعبية ليس مجرد “حزب ديكور”، بل قوة سياسية جادة تمتلك رؤية واضحة وقادرة على قيادة التغيير. ويعتبر أن فرص الفوز في انتخابات 2026 مرهونة بتحقيق منافسة نزيهة بعيدةً عن تأثير المال وشراء الأصوات، مع رفضه التكهن بعدد المقاعد المحتمل الحصول عليها من طرف حزبه، معولاً على قوة المشروع المجتمعي الذي يقدمه. ويختم حواره مؤكدا أن القرار النهائي يبقى بيد الناخب المغربي الذي يمتلك -حسب تعبيره- “الذكاء الكافي لتمييز الغث من السمين”.