عمل المغرب خلال السنوات الأخيرة، على تسريع وتيرة إنجاز مجموعة من الإصلاحات الهيكلية وتنفيذ أوراش بنيوية كبرى لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، على الخصوص من خلال تعزيز مبادئ الديمقراطية والإنصاف. وفي هذا الصدد، فإن اعتماد دستور فاتح يوليوز 2011 يؤكد إرادة السلطات العمومية الهادفة إلى توطيد دولة الحق والقانون ومبادئ الحكامة الجيدة والربط بين المسؤولية والمساءلة.
تماشيا مع هذه الدينامية، ونظرا للدور الحيوي الذي يقوم به في تنمية الاقتصاد الوطني، عرف قطاع المنشآت والمؤسسات تفعيل تدابير تهدف إلى تعزيز أسس ومبادئ الحكامة الجيدة التي تؤدي، إضافة إلى تنمية هذه المنشآت وتوطيد إنجازاتها التقنية والمالية، إلى تحسين صورتها وبالتالي تعزيز مصداقيتها اتجاه مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين بما في ذلك المواطنين ومستعملي المرافق العمومية والفاعلين الاقتصاديين والممولين ووكالات التنقيط الدولية.
في هذا السياق، يعتبر ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المنشآت والمؤسسات العامة المعتمد من طرف اللجنة الوطنية لحكامة المقاولة لبنة في هذا الصرح اللازم لتخليق تدبير الشؤون العامة.
لقد تم إعداد هذا الميثاق وفق مقاربة تشاركية جمعت ممثلي بعض المنشآت والمؤسسات العامة وكذلك مجموعة من الفاعلين المعنيين كالاتحاد العام لمقاولات المغرب والهيئة المركزية لمحاربة الرشوة والمعهد المغربي للمدراء. كما تم توسيع التشاور حول هذا الميثاق إلى مجموعة من الشركاء الوطنيين والدوليين.
وللتذكير، فإن هذا الميثاق يكمل سلسلة المواثيق التي تم اعتمادها من طرف اللجنة الوطنية لحكامة المقاولة والتي تضم الميثاق العام والميثاق الخاص بالشركات الصغرى والمتوسطة والميثاق المتعلق بالمؤسسات البنكية.
ويستند الميثاق المذكور الموجه للمنشآت والمؤسسات العامة على أحسن المعايير الدولية ويهدف إلى إرساء أفضل الممارسات لحكامتها وترسيخ قيم ومبادئ الشفافية والتواصل والمساءلة. ويتضمن هذا الميثاق توصيات وقواعد تشمل ما يلي :
1 – علاقة الدولة والمؤسسات العامة من خلال التمييز الواضح بين الوظائف والمهام الموكلة إليها. وهكذا فإن للدولة ثلاث أدوار أساسية اتجاه المنشآت والمؤسسات العامة:
- دور الدولة كموجه استراتيجي الذي يقترح تدعيمه عبر العقود متعددة السنوات المبرمة بين الدولة والمنشآت والمؤسسات العامة؛
- دور الدولة المراقبة الذي يرتكز على تعزيز وتحسين آليات ومعايير المراقبة للرفع من مردوديتها؛
- دور الدولة المساهمة الذي يهدف إلى الحصول على أفضل تثمين لمساهمات الدولة عبر سياسة توزيع الأرباح مع المحافظة على التوازنات الكبرى للمنشأة العامة.
2 – تعزيز دور ومسؤوليات هيئة الحكامة عبر تمكين هذه الأخيرة من الحصول على السلط والخبرات والموضوعية اللازمة من أجل القيام بدور التوجيه الاستراتيجي ومراقبة مسيري المؤسسة. وهكذا، فإن الجوانب الثلاثة التي تمكن من توطيد هذا الدور هي : المهنية والفعالية والمسؤولية مع تفعيل مقاربة النوع في تعيين أعضاء المجالس التداولية.
3 – دور ومسؤوليات مسيري المؤسسات والمنشآت العامة: في هذا الإطار فإن الميثاق يقترح آليات من أجل تأكيد هذا الدور وهذه المسؤوليات مع احترام مبدأ محاسبة هيئة الحكامة للمسير. ويتعلق الأمر بما يلي :
- رسالة المهام التي يقوم رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة لهذا الغرض
بتوجيهها إلى كل المسيرين والتي تحدد ما تنتظره هذه الأطراف من الإدارة وكذا التوجهات العامة المرسومة لها ؛ - تنزيل التوجهات العامة على شكل مخطط مقاولة؛
- تنفيذ وتقوية آليات التدقيق والمراقبة الداخلية؛
- الإبلاغ من خلال التشجيع على وضع ونشر التقارير السنوية.
4 – تعزيز الأخلاقيات والشفافية عبر احترام التوجهات التالية:
- نشر منتظم للمعلومات ذات الأهمية سواء المالية أو غير المالية المتعلقة بالمؤسسات والمنشآت العامة؛
- تبسيط المساطر ونشرها إلكترونيا وذلك من أجل تقديم خدمة ذات جودة ؛
التطبيق الصارم لمبادئ إبرام الصفقات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المؤسسات والمنشآت العامة ؛ - إعداد ونشر مواثيق أخلاقية تساهم في تقاسم قيم مشتركة ومكافحة الغش والرشوة.
5 – المعاملة العادلة للأطراف المعنية والحفاظ على حقوقها.