يشهد قطاع الصيد البحري في المغرب تحولاً كبيرًا، مدفوعًا برؤية استراتيجية تجمع بين التحديث والاستدامة والحكامة الفعالة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، لا سيما في إدارة الموارد وشفافية الأسعار والوصول العادل إلى المنتجات السمكية. وفي مقابلة مع “مدار 21″، عادت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، إلى التطورات الرئيسية في القطاع والإصلاحات الجارية والآفاق.
“هاليوتيس”: إصلاح هيكلي للصيد في المغرب
أكدت زكية الدريوش أن إنتاج الصيد البحري المغربي ارتفع من 700 ألف طن في 2009 إلى 1.5 مليون طن اليوم، وذلك بفضل استراتيجية “هاليوتيس”. وقد تم تحقيق هذا التقدم بفضل إجراءات صارمة للمراقبة والتتبع البيولوجي وإدارة الموارد البحرية. وفي هذا السياق، سلطت الضوء على تحديث البنية التحتية وإدخال معايير جديدة، مثل استخدام الصناديق لنقل السردين، مما يضمن تتبعًا وشفافية أفضل. وفي هذا السياق، شددت المسؤولة على أهمية إدارة صارمة لمواكبة هذا التحول.
أسعار الأسماك: بين الجدل وواقع السوق
اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة حول أسعار الأسماك، وخاصة السردين. وفي مواجهة هذه الفورة، تشدد السيدة الدريوش على أهمية بناء التحليل على وقائع السوق وليس على التصورات. وقالت: “أنا لا أعتمد على ما يقال على الفيسبوك، بل على واقع السوق”. وأوضحت أن “الطلب القوي خلال شهر رمضان يفسر جزئيًا الارتفاعات الأخيرة في الأسعار”، بينما تحاول مبادرات مثل “الأسماك بأسعار معقولة” تنظيم العرض وضمان الوصول العادل إلى المنتجات البحرية. ومع ذلك، تعترف المسؤولة بأن تصور المواطنين لا يزال يمثل تحديًا وأنه من الضروري إيجاد توازن بين تكاليف الإنتاج وإتاحة الأسعار.
حكامة استراتيجية وذات رؤية
تقدم زكية الدريوش نفسها كتقنية، وتعترف بأهمية السياسة في إدارة القطاع. وتقول: “التقنية وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى رؤية سياسية واضحة لتنفيذ الإصلاحات اللازمة”. وتؤكد أنها تمكنت، تحت قيادة عزيز أخنوش، من الجمع بين التقنية والرؤية الاستراتيجية لتنفيذ الإصلاحات، مشددة على ضرورة اليقظة المستمرة لضمان استدامة موارد الصيد البحري، لا سيما بفضل نظام التتبع “VMS” المثبت على كل سفينة. ووفقًا لها، يتيح هذا النظام معرفة موقع وحركات السفن في الوقت الفعلي، مما يضمن إدارة أفضل لفترات الراحة البيولوجية.
الابتكار والاستدامة: ركائز المستقبل
يعتمد مستقبل القطاع على الابتكار والاستدامة. ويسمح وضع فترات الراحة البيولوجية وأنظمة المراقبة المتقدمة بالحفاظ على موارد الصيد البحري. بالإضافة إلى ذلك، يضمن التحديث المستمر للبنية التحتية ودعم المهنيين تطورًا نحو صيد أكثر مسؤولية وتنافسية في السوق الدولية. ولتحقيق ذلك، تدعو زكية الدريوش إلى تقوية الإدارة الصارمة مع تشجيع تطور القطاع نحو ممارسات أكثر استدامة.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت المسؤولة أنه في مواجهة التحديات الحالية، تواصل الحكومة جهودها لضمان توازن السوق وحماية الموارد البحرية. واختتمت تدخلها بنبرة تفاؤل، داعية إلى حوار بناء مع المواطنين لضمان قطاع صيد بحري فعال ومستدام. وتقول: “نحن منفتحون على حوار بناء مع المواطنين لتحسين قطاع الصيد البحري”.