تابعت المنظمة المغربية لحماية المال العام، بقلق بالغ واستنكار شديد، التصريحات الأخيرة لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال مداخلته في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب يوم الثلاثاء 11 مارس 2025. وجاءت هذه التصريحات دفاعًا عن المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي تهدف إلى تقييد دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، والحد من صلاحيات النيابة العامة في تحريك المتابعات القضائية ضد المتورطين في نهب المال العام.
وأعربت المنظمة، في بيان لها، عن رفضها القاطع لهذه التصريحات، التي وصفتها بـ”غير المسؤولة والمناهضة لمبادئ الشفافية والمحاسبة”. كما اعتبرت أن هذه الخطوة تعكس محاولة ممنهجة لتقويض أدوار المجتمع المدني وتفريغ الدستور من مضامينه، فضلًا عن كونها تخدم مصالح فئة معينة من المنتخبين، وخاصة المحسوبين على الحزب الذي ينتمي إليه الوزير، في سياق يُثير الشبهات حول توظيف السلطة لخدمة أجندات انتخابية ضيقة تحضيرًا لاستحقاقات 2026.
وأكدت المنظمة، في اجتماعها الطارئ يوم 14 مارس 2025، على عدة نقاط أساسية، أبرزها:
- تنديدها بالمواقف اللامسؤولة لوزير العدل، التي تهدف إلى ترهيب المجتمع المدني وتقويض دوره الدستوري في محاربة الفساد. وأشارت إلى أن هذه التصريحات تشكل خرقًا سافرًا للفصلين 70 و71 من الدستور، وتكشف عن مخطط لإفراغ آليات المحاسبة من محتواها وتعزيز الحماية لناهبي المال العام.
- رفضها تغييب المقاربة التشاركيةفي إعداد مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرة أن هذا الإقصاء المتعمد يهدف إلى فرض توجهات تشريعية تخدم لوبيات الفساد وتجهض التراكمات الإيجابية التي حققها المغرب في مجالات الشفافية والحكامة.
- تأكيدها على أن الديمقراطية التشاركية ليست مجرد شعار، بل هي التزام دستوري ينص عليه الفصل الأول من الدستور، ويوجب على وزارة العدل احترامه والانخراط في حوار حقيقي مع مكونات المجتمع المدني.
- تشديدها على دور المجتمع المدني كشريك أساسيفي تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وفقًا للدستور والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وأكدت أن أي محاولة لتقويض هذا الدور تعتبر انتكاسة تشريعية ومؤسساتية تمس بمكانة المغرب والتزاماته الدولية.
- رفضها المادة الثالثة من مشروع القانونبصيغتها الحالية، معتبرة أنها تتعارض مع الفصول 12 و13 و14 و15 من الدستور، التي تنص على دور المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية التشاركية، كما تشكل خرقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
- استغرابها من بعض تصريحات وزير العدل، التي اعتبرتها مسيئة لثوابت الدولة ومؤسساتها الدستورية، ومتجاوزة للمسؤولية الوزارية التي تفرض التحلي بالاتزان واحترام المبادئ الدستورية.
واختتمت المنظمة بيانها بتأكيدها على أنها لن تتوانى في الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي في مجال المحاسبة والشفافية، وستتصدى بكل الوسائل القانونية لكل محاولة تهدف إلى شرعنة الفساد وحماية المتورطين فيه. كما دعت كافة القوى الحية والديمقراطية إلى توحيد الصفوف لمواجهة هذه “المناورة التشريعية الخطيرة”، والتصدي لكل محاولات تطويع القانون لخدمة المصالح الضيقة، دفاعًا عن دولة الحق والقانون.
