وفقًا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، شهد الاقتصاد المغربي تباطؤًا في نموه خلال الربع الرابع من عام 2024، حيث سجل معدل نمو بلغ 3.7%، مقارنة بـ 4.2% في الفترة نفسها من العام السابق. يُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى تراجع أداء القطاع الزراعي، الذي تأثر سلبًا بالظروف المناخية الصعبة، في حين حافظت القطاعات غير الزراعية على نمو معتدل، وإن كان بوتيرة متباينة.
وقد شهد القطاع الزراعي انخفاضًا في قيمته المضافة بنسبة 4.7%، مما فاقم التراجع الطفيف الذي سجل في العام السابق. في المقابل، سجلت القطاعات غير الزراعية أداءً متباينًا، حيث شهد القطاع الثانوي تباطؤًا في نموه، متأثرًا بتراجع أداء الصناعات الاستخراجية والتحويلية. ومع ذلك، سجل قطاع البناء والأشغال العامة وقطاع الكهرباء والغاز والمياه نموًا ملحوظًا، مما ساهم في الحد من تأثير التباطؤ العام.
أما قطاع الخدمات، فقد سجل نموًا قويًا مدفوعًا بالأداء المتميز للخدمات المتعلقة بالسياحة، وخاصة قطاع الإقامة والمطاعم. كما شهدت الخدمات التي تقدمها الإدارة العامة وقطاع تجارة وتصليح السيارات نموًا جيدًا.
إلى جانب تراجع أداء القطاع الزراعي، ساهم تباطؤ الطلب الداخلي أيضًا في تراجع النمو الاقتصادي. فقد تباطأ نمو استهلاك الأسر، الذي يعتبر محركًا رئيسيًا للنمو، مما قلل من مساهمته في النمو العام. في المقابل، شهدت نفقات الإدارات العامة ارتفاعًا ملحوظًا، مما ساهم في دعم النمو. كما واصل الاستثمار الإجمالي نموه، وإن كان بوتيرة أقل من العام السابق.
وعلى صعيد المبادلات الخارجية، استمر العجز التجاري في التأثير سلبًا على النمو الاقتصادي. فقد ارتفعت واردات السلع والخدمات بوتيرة أسرع من الصادرات، مما أدى إلى مساهمة سلبية للمبادلات الخارجية في النمو. وفي ظل تباطؤ نمو الاستهلاك وارتفاع الاستثمار، زادت الحاجة إلى تمويل الاقتصاد الوطني، حيث ارتفع العجز في الميزان التجاري.
يشير تحليل البيانات إلى أن الاقتصاد المغربي يواجه تحديات هيكلية تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم النمو وتنويع مصادر الدخل. من بين التوصيات المقترحة تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، تنويع مصادر النمو الاقتصادي، تحسين القدرة التنافسية للصادرات، وترشيد الإنفاق العام.