مع اقتراب الموعد المحدد لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ في غشت القادم، تكثف الحكومة جهودها لإتمام الاستعدادات اللازمة. وقد أكد المجلس الحكومي، خلال اجتماعه الأخير بالرباط برئاسة عزيز أخنوش، على التعبئة الشاملة لتفعيل هذا الإصلاح الجوهري في المنظومة الجنائية الوطنية. وفي إطار متابعة خطة تفعيل هذا القانون، الذي يمثل جزءًا من الورش الإصلاحي الأوسع لمنظومة العدالة، ترأس رئيس الحكومة اجتماعًا استراتيجيًا في الثالث من أبريل 2025.
وقد شدد السيد أخنوش خلال الاجتماع على أهمية مواءمة السياسة الجنائية مع التطورات الاجتماعية والقانونية التي تشهدها المملكة، مستندًا في ذلك إلى التوجيهات الملكية السامية التي تدعو إلى إصلاح عميق لقانون العقوبات والإجراءات الجنائية، بهدف تحقيق عدالة أكثر إنسانية وفعالية وإنصافًا. ويأتي التوجه نحو العقوبات البديلة كثمرة لدراسة مقارنة للتجارب الدولية، مع مراعاة خصوصيات المجتمع المغربي، حيث يهدف إلى استبدال بعض العقوبات السالبة للحرية بتدابير ذات أثر بنائي وتأهيلي، بالإضافة إلى كونها أقل تكلفة على المجتمع.
من جانبه، وصف وزير العدل عبد اللطيف وهبي القانون رقم 43.22 بأنه خطوة إيجابية هامة في تطوير النظام الجنائي، مشيدًا بالتزام الحكومة بتوفير الموارد البشرية والتقنية والمالية الضرورية لتطبيقه الأمثل. ويشتمل القانون على أربعة أنواع من العقوبات البديلة تشمل العمل من أجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير وقائية أو علاجية أو لإعادة الإدماج، بالإضافة إلى نظام الغرامات اليومية. وتهدف هذه الآليات إلى توفير فرص لإعادة إدماج المستفيدين، وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وترشيد النفقات العمومية المتعلقة بالاعتقال.
تجدر الإشارة إلى أن القانون يستثني صراحة الجرائم التي تتجاوز عقوبتها خمس سنوات سجنا نافذا، وكذلك حالات العود التي قد لا تضمن فيها العقوبات البديلة الأثر الرادع المطلوب. وتعكس هذه الاستثناءات حرص المشرع على تطبيق القانون بجدية وتبصر. ويجري حاليًا وضع اللمسات الأخيرة على مشروع المرسوم التطبيقي الذي سيحال قريبًا على مجلس الحكومة، والذي سيتضمن تفاصيل آليات تنفيذ العقوبات، ومعايير الأهلية، وإجراءات المراقبة. وفي الختام، دعا رئيس الحكومة إلى تضافر جهود جميع القطاعات المعنية، سواء الحكومية أو غير الحكومية، لضمان نجاح هذا الورش الإصلاحي الهام. ويجري حاليًا إعداد برنامج عمل خاص لتنظيم المتابعة وتدريب الكوادر وتجهيز المرافق اللازمة، مما يعكس طموح المملكة نحو تحديث منظومة العدالة، بحيث تتجاوز العقوبة مفهوم السجن لتصبح أداة للمساءلة وإعادة الإدماج الفعلي.