أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الفضاء الأطلسي ليس مجرد منطقة جغرافية عادية، بل هو محور جيواستراتيجي حيوي يشكل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية للمغرب. هذا البعد الاستراتيجي يتجسد بوضوح في المبادرات الملكية الهادفة إلى هيكلة هذا الفضاء واستغلال إمكاناته الهائلة، بدلاً من تركه عرضة للتحديات أو الفوضى.
رؤية ملكية شاملة للفضاء الأطلسي
أوضح بوريطة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس المستشارين، أن الرؤية الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تسعى إلى تنظيم هذا الفضاء بما يتيح الاستفادة القصوى من فرص التعاون والتنمية، وتجاوز التحديات القائمة. وتتجلى هذه الرؤية في ثلاث مبادرات ملكية كبرى: أولاً، مسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول المطلة على المحيط الأطلسي. ثانياً، مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يمثل مشروعاً استراتيجياً طموحاً لنقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا عبر المغرب، مما يعزز التكامل الاقتصادي والطاقي. وثالثاً، مبادرة تمكين دول الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي، وهي خطوة هامة توفر فرصاً حيوية للدول غير الساحلية للوصول إلى الموانئ الأطلسية، بما يسهم في دعم تنميتها الاقتصادية والاجتماعية.
تعزيز الوعي الإفريقي بالفرص والتحديات
تهدف هذه المبادرات الهيكلية إلى زيادة وعي القارة الإفريقية بالفرص الكبيرة والتحديات التي تواجهها في الفضاء الأطلسي. كما تسعى لتمكين الدول الإفريقية من صياغة رؤية واضحة وموحدة عند الدخول في حوارات استراتيجية مع الشركاء الأوروبيين والأمريكيين. وقد تم تحقيق تقدم كبير في هذا الصدد بفضل التوجيهات الملكية السامية، مما يعكس التزام المغرب بتعزيز مكانة إفريقيا على الساحة الدولية.
المغرب كقوة أطلسية رائدة
شدد بوريطة على أن الملك محمد السادس أكد في خطاب المسيرة الخضراء لعام 2023 على الأهمية القصوى للبعد الأطلسي في السياسة الخارجية للمملكة. وتعود هذه الأهمية لعدة أسباب رئيسية، منها أن المغرب يمتد على طول 2934 كيلومتراً على المحيط الأطلسي، مما يجعله أكبر دولة إفريقية من حيث الواجهة الأطلسية. وبعد استرجاع الأقاليم الجنوبية، اكتسب هذا البعد الأطلسي أهمية استراتيجية كبرى، حيث أصبحت مدينتا العيون والداخلة بوابات المغرب الرئيسية نحو عمقه الإفريقي، وتشكلان محوراً حيوياً للسياسة الأطلسية للمملكة.
الإمكانات الاقتصادية والتحديات الاستراتيجية
لا يقتصر الفضاء الأطلسي الإفريقي على الأبعاد الجغرافية والسياسية فحسب، بل يمتلك إمكانات اقتصادية هائلة. فوفقاً للوزير، يتركز نحو 50% من الناتج الداخلي الإجمالي الإفريقي على الواجهة الأطلسية، ويعيش حوالي 46% من سكان القارة الإفريقية على الساحل الأطلسي، فيما تمر 60% من التجارة الإفريقية عبر الموانئ الأطلسية. كما أن 23 دولة إفريقية، أي ما يعادل 45% من بلدان القارة، تطل على المحيط الأطلسي، ويتم إنتاج 50% من النفط الإفريقي في هذا المحيط. وبالرغم من هذه الإمكانيات الواعدة، يواجه الفضاء الأطلسي تحديات كبيرة مثل القرصنة، التي تتم حوالي 100% من عملياتها في الجانب الإفريقي من المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى التلوث والضغط العمراني. هذه التحديات تؤكد ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لحماية هذه المنطقة الحيوية واستغلال فرصها التنموية بشكل مستدام.