تُعد الجلسات الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسات العمومية آلية دستورية مهمة في النظام السياسي المغربي، تهدف إلى تعزيز الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي وتكريس مبدأ الشفافية. وقد شهدت هذه الجلسات تباينا ملحوظًا بين فترة رئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، والحالي، عزيز أخنوش.
خلال ولاية عبد الإله ابن كيران، كانت الجلسات الشهرية تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، حيث نجح ابن كيران في تبسيط العديد من القضايا والملفات للمواطنين، متحدثًا بأسلوب مباشر وواضح. هذا الأسلوب أسهم في زيادة اهتمام المواطنين بالشأن البرلماني وتعزيز المشاركة السياسية. ومع ذلك، واجهت هذه الجلسات بعض التحديات، مثل محاولات بعض الأحزاب طرح أسئلة تفصيلية يمكن للوزراء المعنيين الإجابة عنها في الجلسات الأسبوعية، مما قد يؤدي إلى إفراغ الجلسة الشهرية من محتواها الحقيقي.
مع تولي عزيز أخنوش رئاسة الحكومة، استمرت الجلسات الشهرية كمنصة لمساءلة الحكومة حول السياسات العمومية. إلا أن هذه الفترة شهدت نقاشات حول تواتر حضور رئيس الحكومة لهذه الجلسات، حيث انتقدت فرق المعارضة اكتفاءه بالحضور مرة كل شهرين، معتبرة ذلك خرقًا للدستور الذي ينص على جلسة شهرية. من جانبها، ترى الحكومة أن الأسئلة الموجهة يجب أن تتعلق بالسياسة العامة وليس بالسياسات القطاعية.
واجهت الجلسات الشهرية في كلا الفترتين تحديات تتعلق بتحديد مفهوم “السياسة العامة” وتمييزها عن “السياسات القطاعية”. وقد أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا يوضح أن الأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة يجب أن تكتسي طابع السياسة العامة، وأنه لا ينبغي للنظام الداخلي لمجلس النواب أن يتضمن ما يقيد هذا المفهوم دون سند من الدستور أو القانون.
بصفة عامة، رغم أن الدستور ينص على عقد جلسة مساءلة شهرية لرئيس الحكومة، إلا أن العدد الفعلي لهذه الجلسات قد يختلف بناءً على الظروف السياسية والبرلمانية السائدة. فمنذ تولي عزيز أخنوش رئاسة الحكومة في أكتوبر 2021 وحتى فبراير 2025، كان من المفترض عقد حوالي 40 جلسة مساءلة شهرية. إلا أن التقارير تشير إلى أن عدد الجلسات المنعقدة كان أقل من المتوقع. على سبيل المثال، خلال السنة التشريعية الأولى، عُقدت ثلاث جلسات مساءلة شهرية فقط. وفي سنة تشريعية أخرى، حضر رئيس الحكومة أربع جلسات مساءلة شهرية.